المساحة البحرية- الهيدروجرافيا Hydrographic Survey
المساحة البحرية هي فرع من علوم المساحة يهدف إلى دراسة ورسم خرائط لقاع البحار والمحيطات والمسطحات المائية الأخرى. تُستخدم تقنيات وأدوات متخصصة لتحديد الأعماق، وتحليل التضاريس، وتوثيق المواقع الجغرافية تحت الماء. يعد هذا المجال من العلوم الأساسية لدعم الملاحة البحرية، والتنقيب عن الموارد الطبيعية، والبحث العلمي، وحماية البيئة البحرية.
مقدمة
المساحة المائية أو المساحة البحرية أو المساحة الهيدروجرافية تشبه المساحة الطبوغرافية في علوم الهندسة المساحية، و تهتم بصفة أساسية الي الرفع المساحي تحت سطح الماء. ففي المساحة الطبوغرافية يتم التركيز علي عمل رفع مساحي للإحداثيات ثلاثية الأبعاد Z,Y,X لبعض النقاط الموجودة علي سطح الأرض، بينما في المساحة المائية يتم التركيز علي الاحداثيات ثلاثية الأبعاد D,Y,X لبعض النقاط الموجودة أسفل سطح الماء . ويتم قياس هذه الأعماق تحت سطح أي مجري مائي .
الفرق بين المساحة البحرية والملاحة البحرية :-
الملاحة البحرية تهتم بإنشاء الخرائط البحرية التي تساعد في الملاحة و الانتقال بين المواقع علي سطح البحر. أي أن المساحة المائية/الهيدروجرافية هو علم هندسي للقياس و الرفع المساحي لما هو تحت سطح المياه بينما الملاحة البحرية علم جغرافي/خرائطى لإنشاء الخرائط البحرية.
المسح المائي :
هو علم وصف المياه Hydrography علي أنه علم قياس و وصف و رسم: طبيعة قاع البحر و العلاقة المكانية مع اليابسة و الخصائص الديناميكية للبحر مثل تغيرات سطح البحر و الأمواج و التيارات البحرية والخصائص الفيزيائية والحرارية لمياه البحر .
Hydrography is the science of measuring, describing, and Depicting: nature and configuration of the seabed,Geographical relationships to land mass, and Characteristics and dynamics of the sea.
تعريف المسح المائي
ويمكن تعريف المسح المائي/الهيدروجرافى Survey Hydrographic علي أنه علم قياس و وصف الظاهرات التي تؤثر في الملاحة البحرية و الانشاءات المائية الحفر في المياه واستكشاف والحفر عن الغاز والبترول في البحار و المحيطات و التطبيقات الأخرى المشابهه.
Hydrographic survey is the science of measurement and Description of features which affect maritime navigation, Maritime construction, dredging, offshore oil exploration, Offshore oil drilling, and related activities.
مصطلح الهيدروجرافيا يمكن أن يكون مرادفا لمصطلح الكارتوجرافيا المائية cartography maritime حيث أن المرحلة الأخيرة للمسح المائي تمكن في تحويل البيانات الخام data raw و القياسات التي تم جمعها الي معلومات في صورة الخرائط المائية بكافة صورها . ويمكن القول أن هناك ثلاثة تقسيمات لعلم الهيدروجرافيا:-
- هيدروجرافية شاطئية coastal .
- هيدروجرافية قريبة من الشواطئ offshore .
- هيدروجرافية المحيط .
فالهيدروجرافيا الشاطئية تتعلق بتنمية الموانئ البحرية و دراسة مشاكل التعرية البحرية والملاحة الآمنة في مياه الشواطئ. أما الهيدروجرافيا القريبة من الشواطئ فتشمل مهامها استخدام البيانات و القياسات البحرية في تنمية المناطق الشاطئية و دراسة الموارد الطبيعية الموجودة بها بالإضافة لإدارة مصائد الأسماك. أما مهام الهيدروجرافيا المحيطية فتشمل الحصول علي البيانات الهيدروجرافية في المناطق البعيدة من البحار/المحيطات لدراسة و رسم خصائص قاع البحر/المحيط.
تاريخ المساحة البحرية :-
منذ عام ١٤٥٠ قبل الميلاد تقريبا قام الفراعنة بقياس أعماق مياه نهر النيل. وكان أول نص مكتوب عن القياسات المائية فكان للمؤرخ اليوناني الشهير هيرودوت حيث ذكر أن عمق المياه يبلغ ٦٦ قدما بعيدا عن مصب نهر النيل.
وكان العرب قد أسهموا كثيرا في العلوم البحرية بصفة عامة، حيث ظهر اسم "علم البحر" في القرن التاسع الهجري أو الخامس عشر الميلادي في مؤلفات ابن ماجد الذي ترك كتابين: كتاب "الفوائد في أصول علم البحر و القواعد" و كتاب "حاوية الاختصار في أصول علم البحار"، وفيهما ذكر الكثير من المعلومات القيمة عن القياسات الفلكية للنجوم واستخداماتها في الملاحة البحرية ومعلومات عن المد و الجزر و الأمواج و الرياح و طبيعة القاع ... الخ.
و بدأت المساحة المائية/الهيدروجرافية في بريطانيا تقريبا في العام ١٦٨٣ .
وكانت الطرق البسيطة لإجراء المسح المائي استخدام حبل أو سلك مكون من عدة علامات وفي نهايته ثقل حديدي بحيث عند رميه من القارب الي عمق المجري المائي يستقر الثقل علي القاع و يمكن تحديد عمق المياه في هذه النقطة من خلال ملاحظة عدد العلامات في الحبل التى تحت سطح المياه. أما احداثيات هذه النقطة فكان يتم تحديدها باستخدام جهاز مساحي بحري بسيط يسمي السكستان Sextant (لمعرفه السكستان وكيفية استخدامه راجع "السكستان وتوجيه الخرائط" ) وهو يشبه البوصلة لكنه يقيس الزاوية الفلكية اوالرأسية بين نقطتين. فان كان أحد الهدفين معلوما (الشمس او القمر او النجوم او معالم مثل منارة مثلا اوبرج مراقبة ساحلي او معلم مشهور ) فيمكن حساب الموقع الفلكي (احداثيات) للهدف الثاني المرصود.
في ثلاثينيات القرن العشرين الميلادى تم ابتكار أجهزة المجسات الصوتية echoSounders التي نتج عنها زيادة دقة و سرعة أعمال قياس الأعماق المائية. وبصورة مبسطة فنظريةعمل هذه الاجهزة هو قياس الوقت الذي تستغرقه اشارة كهرومغناطيسية منذ اطلاقها و اصطدامها بالقاع و العودة مرة أخري للجهاز، والذي يمكن منه حساب المسافة بين الجهاز و القاع حيث أن سرعة الموجة في المياه معلومة. أما لحساب الاحداثيات الأفقية للنقطة التي يتم عندها اطلاق الموجة فكان يتم استخدام جهاز الثيودوليت Theodolite حيث يمكن رصد الشاخص الموجود علي المركب من نقطتين معلومتين الاحداثيات ControlPoints بطريقة التقاطع العكسي Resection
في الثمانينات من القرن العشرين الميلادي ومع ابتكار أجهزة المحطة الشامل Station Total فأصبح تحديد الاحداثيات الأفقية أسرع و أدق حيث يمكن رصد العاكس Prism علي المركب من نقطة معلومة الاحداثيات (تحتلها المحطة الشاملة) ليتم حساب احداثياته بسرعة و طريقة آلية.
,ومع تطور تطبيقات النظام العالمي لتحديد المواقع بالرصد علي الأقمار الصناعية (الجي بي أس) حيث يتم وضع مستقبل جي بي أس علي اعلي المجس الصوتي علي المركب وتوصيله بجهاز كمبيوتر متصل أيضا بجهاز المجس الصوتي، بحيث يقوم برنامج متخصص (مثل برنامج HyPack (بعمل تزامن synchronization بين كلا الجهازين بحيث يتم بسهولة الحصول علي الاحداثيات لجميع النقاط التي يتم الرفع المائي لها.
حديثا تم ابتكار عدة تقنيات للاستخدام في الرفع المساحي بصفة عامة و أيضا في الرفع المائي، فبدلا من أجهزة المجس الصوتي أصبح يمكن الاستعانة بأجهزة الليدار أو التحسس و القياس بالضوء LiDAR: Ranging and Detection Light وأيضا الاستعانة بأجهزة المركبات الآلية تحت الماء UUV: Vehicle Underwater Unmanned) المشابهة في نظرية عملها للطائرات الآلية UAV: Vehicle Aerial Unmanned (وأيضا أجهزة المجس الليزري متعدد الأطياف Sonar Beam-Multi الذي يمكنه اطلاق موجات من الطاقة الكهرومغناطيسية في نطاقات متعددة ليمكنه جمع عدة أنواع من المعلومات عن الظاهرات الموجودة تحت سطح الماء وليس العمق فقط، وأيضا أجهزة المجس الجانبي SideSonar Scan الذي يرسل موجاته في خطوط جانبية ليمكنه تحسس الظاهرات المائية ليس في صورة نقطة بنقطة انما في صورة خط بخط، مما يتيح الرفع المائي لقطاع كبير من القاع بسرعة وسهولة.
تطبيقات المساحة المائية :
.تستخدم البيانات للاجهزه بعد تصحيحها في عدد كبير من التطبيقات مثل:
- عمل القطاعات في المجاري المائية
- حساب كميات الحفر و الردم (التكريك) في المجاري المائية
- انشاء نماذج الارتفاعات الرقمية لقاع البحر
- انشاء خرائط الأعماق Bathometry
- انشاء خرائط التربة للظاهرات تحت سطح الماء
- تحديد ومراقبة التغير في خط الشاطئ للمناطق الساحلية
- حساب الترسيب والنحر في المسطحات المائية (مثل البحيرات)
- الأعمال الهندسية للمشروعات تحت سطح الماء (الأنفاق والكباري والسدود وخطوط الغاز وخطوط الاتصالات )
- انشاء خرائط الملاحة البحرية
- الدراسات البيئية للأهداف البحرية (الأسماك والشعاب المرجانية)
- دراسات التلوث البحري
- استكشاف الموارد الطبيعية مثل البترول والغاز الطبيعي تحت سطح الماء.
أهداف المساحة البحرية
1. إنشاء الخرائط البحرية:
تُستخدم لغايات الملاحة، التخطيط للموانئ، وتحديد مسارات السفن.
2. تحديد الأعماق:
لدراسة تضاريس القاع وتحديد مناطق الخطر.
3. دراسة الخصائص الطبيعية:
مثل الرواسب، والتيارات، والمد والجزر.
4. التنقيب عن الموارد البحرية:
مثل النفط، والغاز الطبيعي، والمعادن.
5. تطوير البنية التحتية البحرية:
كالموانئ، والمنصات النفطية، وكابلات الاتصالات البحرية.
أدوات المسح البحري
1. السونار (Sonar):
تقنية تعتمد على الموجات الصوتية لتحديد الأعماق والتضاريس.
أنواعه:
السونار الجانبي (Side-scan sonar): لرسم صور تفصيلية لقاع البحر.
السونار متعدد الحزم (Multibeam sonar): لقياس الأعماق بدقة عالية.
2. أجهزة تحديد الموقع الجغرافي (GPS):
تُستخدم لتحديد الموقع بدقة أثناء عمليات المسح البحري.
3. المركبات البحرية المستقلة (AUVs) والغواصات المأهولة:
تُستخدم لاستكشاف المناطق العميقة والخطرة.
4. الليدار البحري (Lidar):
يُستخدم لقياس الأعماق في المناطق الضحلة باستخدام أشعة الليزر.
5. الكاميرات تحت الماء:
تُستخدم لتوثيق الصور والفيديو للقاع البحري.
6. أدوات أخذ العينات:
لجمع عينات من الرواسب أو المياه لتحليلها.
خطوات المسح البحري
1. التخطيط المسبق:
تحديد الأهداف.
اختيار الأدوات المناسبة.
2. جمع البيانات الميدانية:
باستخدام أجهزة مثل السونار أو الليدار.
3. معالجة البيانات:
تحليل المعلومات باستخدام برامج نظم المعلومات الجغرافية (GIS)
4. إعداد الخرائط والتقارير:
تقديم النتائج بشكل قابل للاستخدام.
تطبيقات المسح البحري
1. الملاحة البحرية:
تحسين سلامة السفن وتجنب العوائق البحرية.
2. التنقيب عن الموارد:
مثل النفط والغاز.
3. البيئة البحرية:
دراسة النظم البيئية البحرية وحمايتها.
4. البنية التحتية:
تصميم وتنفيذ الموانئ والمنصات البحرية.
5. التغيرات المناخية:
دراسة تأثير تغير مستوى البحر على السواحل.
الخاتمة
يُعد المسح البحري أحد العناصر الحيوية في تطوير الاقتصاد الأزرق وحماية البيئة البحرية. مع التطور المستمر للتكنولوجيا، بات بالإمكان تحسين دقة عمليات المسح وتوسيع نطاق تطبيقاتها.